Site icon الديوان

إقليم دارفور : منبع الصراعات ومهد الميليشيات المسلحة

دارفور منبع الصراعات ومهد الميليشيات المسلحة

دارفور منبع الصراعات ومهد الميليشيات المسلحة

منذ عقود طويلة، كان إقليم دارفور بؤرة للصراعات الدموية والاقتتال الداخلي، يفرخ الميليشيات المسلحة كما تفرخ الأرض الجرداء الأشواك. من حركة تحرير السودان إلى حركة العدل والمساواة، ومن ميليشيات الجنجويد إلى قوات الدعم السريع، ظلت دارفور تنتج كيانات مسلحة تقوم على ثقافة السلاح والنهب والعدوان.

اليوم، لم يعد من الممكن إنكار أن إقليم دارفور أصبح مصنعًا دائمًا للعنف وعدم الاستقرار، يغذي الفوضى ويقوض أي مشروع لبناء دولة مستقرة ومتماسكة.

رمزية الكدمول ومشروع الهيمنة الخفي في إقليم دارفور

الكدمول، الذي قد يراه البعض مجرد غطاء رأس شعبي، أصبح مع مرور الزمن رمزًا للحقد والعنصرية لدى ميليشيات إقليم دارفور. لم يعد الكدمول مجرد لباس، بل تحوّل إلى راية عقائدية تتدثر بها مشاريع الهيمنة والسيطرة.

لقد برزت في دارفور أيديولوجيا تقوم على استهداف سكان الشمال والشرق، وتسعى إلى إعادة تشكيل الخارطة السياسية بالقوة والغلبة، تحت قناع زائف من الشعارات القومية والوطنية.

اقرأ ايضا: خروج حركات دارفور المسلحة قضية رأي عام : جريمة الدبة !

لماذا يمثل بقاء إقليم دارفور ضمن السودان خطرًا على مستقبل الدولة؟

الإصرار على إبقاء إقليم دارفور جزءًا من السودان هو مقامرة خاسرة. كل محاولات الصلح والمهادنة مع الحركات المسلحة كانت مجرد هدنة مؤقتة سرعان ما أعقبتها موجات جديدة من الطعن والغدر.

استمرار دارفور ضمن السودان يعني المزيد من الحروب والانهيارات الاقتصادية والاجتماعية، ويفتح الباب أمام فوضى لا تنتهي. دارفور تحولت إلى قاعدة للمرتزقة والطامعين، وأي تأخير في حسم هذا الملف سيقود إلى فقدان السودان لهويته ومستقبله.

العودة إلى حدود دولة سنار: الطريق إلى الاستقرار وفك الارتباط مع إقليم دارفور

الحل الحقيقي لإنقاذ السودان يكمن في العودة إلى الحدود الطبيعية لدولة سنار التاريخية، حيث كانت وحدة الأرض والهوية والهدف أكثر وضوحًا وصلابة. هذه العودة تعني فصل مناطق الاستقرار والنهضة عن مناطق الصراع المستدامة في إقليم دارفور.

وقد طُرحت هذه الرؤية ضمن مشروع “دولة النهر والبحر”، الذي يسعى لإحياء هوية السودان النيلي، المرتكزة على العمل والتنمية والانفتاح، بعيدًا عن ثقافة السلاح والنهب. إن قطع الارتباط مع إقليم دارفور ليس خيارًا ترفيهيًا، بل ضرورة وجودية لحماية ما تبقى من الوطن، ومنع اتساع رقعة الفوضى إلى قلب الدولة.

اقرأ ايضا: العودة إلى سنار : دعوة لتأسيس الحلم من الجذور

تمدد الحركات المسلحة الدارفورية في وسط وشمال وشرق السودان

شهد السودان في السنوات الأخيرة تمددًا خطيرًا للحركات المسلحة القادمة من إقليم دارفور إلى قلب المناطق الآمنة في الوسط والشمال والشرق. مستغلة حالة الانهيار الأمني، تحركت هذه الجماعات المسلحة خارج معاقلها التقليدية، لتنتشر في مناطق لم تعرف من قبل ثقافة السلاح والعنف. تمدد هذه الحركات لم يكن عشوائيًا، بل كان جزءًا من مشروع مدروس للسيطرة على الموارد والمفاصل الحيوية في الدولة، مما أدى إلى تهديد النسيج الاجتماعي وفتح أبواب صراع جديد يتسع يومًا بعد يوم.

نوايا الحركات المسلحة الدارفورية التوسعية تحت غطاء الكنابي

لم تعد نوايا الحركات المسلحة الدارفورية خافية على أحد، إذ تسعى اليوم إلى الاستيطان الدائم في مناطق الجزيرة الزراعية الخصبة تحت غطاء ما يسمى بمشكلة “الكنابي”. تحولت هذه القضية من مطلب اجتماعي إلى مشروع توسعي خطير يهدف إلى نزع أراضي المواطنين الأصليين بحجج واهية، وفرض واقع ديموغرافي جديد بالقوة. ما يجري اليوم في الجزيرة هو امتداد لمخطط مدروس لتحويل المركز الزراعي الأكبر في السودان إلى مستوطنة لقوى الهامش المسلح، بما ينذر بصراع أهلي واسع النطاق إن لم يتم تداركه مبكرًا.

نهب ثروات وذهب السودان تحت غطاء اتفاق جوبا

في ظل اتفاق جوبا للسلام، الذي كان يفترض أن يكون بوابة للاستقرار، تحولت الحركات المسلحة الدارفورية إلى أدوات لنهب ثروات السودان تحت غطاء “الشرعية السياسية”. سيطرت هذه الجماعات المسلحة على مناطق الذهب والثروات الطبيعية، خصوصًا في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، مستغلة نصوص الاتفاق لإضفاء مشروعية شكلية على سلوكيات النهب والابتزاز. وما كان يتم خلسة بالسلاح، أصبح اليوم يجري علنًا تحت مظلة اتفاق مشوه، لم يخدم سوى أمراء الحرب ومليشياتهم، فيما ظل المواطن يدفع ثمن هذا العبث فقرًا وانعدامًا للأمن.

الخطاب العنصري والجهوي للحركات المسلحة الدارفورية

تتبنى الحركات المسلحة الدارفورية خطابًا عنصريًا وجهويًا واضح المعالم، يقوم على استثارة الكراهية ضد سكان الشمال والشرق، وتصويرهم كأعداء يجب إقصاؤهم أو سحقهم. هذا الخطاب المسموم لا يكتفي بالمطالبة بالحقوق، بل يتجاوز إلى تحريض مكشوف يدفع باتجاه تمزيق السودان على أسس قبلية وعرقية. لقد أثبتت التجربة أن الحركات المسلحة لا تحمل مشروعًا وطنيًا جامعًا، بل مشروعًا جهوياً متطرفًا، يغذي الأحقاد، ويهدد ما تبقى من وحدة البلاد وسلامها الاجتماعي.

اكتب لنا رأيك في المقال؟

Exit mobile version